فصل: (32) كتاب الحدود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[31/28] باب ما جاء في جناية الطبيب

4859 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه، قال: «من تطبب ولم يكن بالطب معروفًا فهو ضامنٌ» أخرجه الدارقطني وصححه الحاكم وهو عند أبي داود والنسائي وغيرهم إلا أن من أرسله أقوى ممن وصله، وقال أبو داود: هذا لم يروه إلا الوليد بن مسلم لا ندري هو صحيح أم لا انتهى، وقد تقدم في كتاب الإجارة.

.[32] كتاب الحدود

.[32/1] باب ما جاء في رجم الزاني المحصن وجلد البكر وتغريبه

4860 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرءٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه الجماعة.
4861 - وعن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما قالا: «إن رجلًا من الأعراب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، وقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه-: نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي يا رسول الله، قال: قل، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنا بامرأته وإني أُخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاةٍ ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أُنيس -لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، قال: فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت» رواه الجماعة.
4862 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيمن زنا ولم يحصن بنفي عام وإقامة الحد عليه» رواه أحمد والبخاري.
4863 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب» رواه الترمذي ورجاله ثقات.
4864 - وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.
4865 - وعن الشعبي «أن عليًا حين رجم المرأة ضربها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والبخاري، وعزاه إلى البخاري أيضًا في "جامع الأصول" وغيره، وذكر الحديث في "الخلاصة"، وقال: رواه النسائي والحاكم، وقال: إسناده صحيح، وعزاه غير واحد إلى البخاري، وتوقف في ذلك الضياء المقدسي وما أحسنه، انتهى. قلت: والذي في البخاري في كتاب الحدود ما لفظه: «سمعت الشعبي يحدث عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة، وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله» انتهى.
4866 - وعن جابر بن عبد الله «أن رجلًا زنى بامرأة فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلد الحد، ثم أخبر به أنه مُحصن فأمر به فرجم» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح.
4867 - وعن جابر بن سمرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلدًا» رواه أحمد والبيهقي والبزار، وقال في "مجمع الزوائد": في إسناده صفوان بن المغلس لم أعرفه، وبقية إسناده ثقات انتهى.
قوله: «عسيفًا» بفتح العين المهملة وكسر السين المهملة بعدها تحتية وفاء: هو الأجير وزنًا ومعنى، وقد وقع في رواية للنسائي بلفظ: «كان ابني أجيرًا لامرأته».

.[32/2] باب ما جاء في رجم المحصن من أهل الكتاب وأن الإسلام ليس شرط في الإحصان

4868 - عن ابن عمر «أن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل وامرأة منهم قد زنيا، قال: ما تجدون في كتابكم، قالوا: نسخم وجوههما ويخزيان، قال: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاؤوا بالتوراة وجاؤوا بقارٍ لهم فقرء حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له: إرفع يدك فرفع يده فإذا هي تلوح، فقال أو قالوا: يا محمد إن فيها الرجم ولكنا كنا نتكاتمه بيننا فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما، قال: فلقد رأيته يحني عليها يقيها الحجارة بنفسه» متفق عليه، وفي رواية أحمد: «بقارٍ لهم أعور يُقال له: ابن صوريا».
4869 - وعن جابر بن عبد الله قال: «رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم ورجلًا من اليهود وامرأة» رواه أحمد ومسلم.
4870 - وعن البراء بن عازب قال: «مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم مجلود فدعاهم، فقال: أهكذا تجدون حدَّ الزنا في كتابكم، قالوا: نعم، فدعى رجلًا من علمائهم، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدّ الزنا في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك، نجد الرجم، ولكن كثُر في أشرافنا، وكُنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إني أولُ من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرُجم، فأنزل الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا}إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة:41] يقولوا: ائتوا محمدًا فإن أمركم بالتحميم والحد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروه، فأنزل الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45] {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47] قال: في الكفار كلها»، رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
قوله: «نسخم» بسين مهملة ثم خاء معجمة، أي: نسود وجوههما، والأسخم الأسود.
قوله: «يجني عليها» بفتح أوله وسكون الجيم، وفتح النون بعدها همزة أي يكب عليها يقيها من الحجارة، وفي "غريب جامع الأصول" نقل عن "معالم السنن" للخطابي أن لفظه يحني بالحاء المهملة، أي: يكب، يُقال حنى الرجل يحنى حنوًا إذا أكب على الشيء واستشهد بقوله كثير عزة:
ولو شهدت عليه غداة تيم ** حنو العائذات على وسادي

ثم قال ولعل رواية أبي داود كذلك، وأما رواية الباقين، فإنما هي بالجيم انتهى، وفي الضياء أن الرواية في بيت عزة بالجيم.
قوله: «محمم» بضم الميم الأولى، وفتح الحاء المهملة، أي: مسود الوجه والتحميم التسويد.

.[32/3] باب حجة من اشترط تكرار الإقرار أربعًا وحجة من لم يشترط ذلك

4871 - عن أبي هريرة قال: «أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أُحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به فارجموه، قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله، قال: كنتُ فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة فرجمناه» متفق عليه، وهو دليل على أن الإحصان يثبت بالإقرار مرة، وأن الجواب بنعم إقرار.
4872 - وعن جابر بن سمرة قال: «رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل قصير أعظل ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلعلك، قال: لا والله إنه قد زنا الآخر فرجمه» رواه مسلم وأبو داود، ولأحمد «أن ماعزًا جاء فأقر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات فأمر برجمه».
4873 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز بن مالك: «أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني، قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان، قال: نعم، فشهد أربع شهادات فأمر به فرجم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه، وفي رواية قال: «جاء ماعز بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعترف بالزنا مرتين فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين، فقال: شهدت على نفسك أربع مرات اذهبوا به فارجموه» رواه أبو داود.
4874 - وعن أبي بكر الصديق قال: «كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مرة فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثالثة فرده، فقلت له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك، قال: فاعترف الرابعة فحبسه، ثم سأل عنه، فقالوا: ما نعلم إلا خيرًا، قال: فأمر برجمه» رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف.
4875 - وعن بريدة قال: «كنا نتحدث أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الغامدية وماعز لو رجعا بعد اعترافهما أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، وإنما رجمهما بعد الرابعة» رواه أبو داود، وأخرج نحوه النسائي، وفي إسناده بشير بن مهاجر الكوفي الغنوي، وقد أخرج له مسلم ووثقه يحيى بن معين، وقال أحمد: منكر الحديث يجيء بالعجائب مرجئي متهم.
4876 - وعنه قال: «كنا نتحدث أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يرجمه، وإنما رجمه عند الرابعة» رواه أحمد، ومن لم يشترط تكرار الإقرار أربعًا أجاب عن هذه الأحاديث أن ذلك وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - للاستثبات وأورد الأحاديث الآخرة التي فيها الأمر بالرجم من دون تكرار الإقرار حديث العسيف المتقدم فإن فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها».
4877 - وبما أخرجه مسلم والترمذي من حديث عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم امرأة من جهينة، ولم تقر إلا مرة واحدة» وسيأتي الحديث في باب تأخير الرجم عن الحبلى.
4878 - وحديث بريدة الذي سيأتي هنالك فإن فيه: «أنه - صلى الله عليه وسلم - رجمها قبل أن تقر أربعًا».
4879 - وما أخرجه أبو داود والنسائي من حديث خالد بن اللجلاج عن أبيه «أنه كان قاعدًا يعمل في السوق فمرت امرأة تحمل صبيًا وثار الناس معها وثرت فيمن ثار، وانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فسكتت، فقال شاب: خذوها أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلا خيرًا فأمر به فرجم».
4880 - وقد تقدم حديث الذي أقر بأنه زنا بامرأة وأنكرت وسيأتي في باب ما جاء في حد من أقر بالزنا بامرأة تنكره، ولم يذكر فيه تكرار الإقرار.
4881 - ومن ذلك حديث الرجل الذي ادعت المرأة أنه وقع عليها فأمر برجمه، ثم قام آخر فاعترف أنه الفاعل، ففي رواية أنه رجمه، وفي رواية أنه عفى عنه أخرجه الترمذي والنسائي.
4882 - ومن ذلك حديث اليهوديين فإنه لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كرر عليهما الإقرار قالوا ولو كان تربيع الإقرار شرطًا لمّا تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الواقعات التي يترتب عليها سفك الدماء وهتك الحرم.

.[32/4] باب ما جاء في استفسار المقر بالزنا واعتبار تصريحه بما لا تردد فيه

4883 - عن ابن عباس قال: «لما أتى ماعز بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا يا رسول الله، قال: أفنكتها -لا يُكني- قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه» رواه أحمد والبخاري وأبو داود.
4884 - وعن أبي هريرة قال: «جاء الأسلمي إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حرامًا أربع مرات كل ذلك يعرض عنه فأقبل عليه في الخامسة فقال: أنكتها، قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشى في البئر، قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا، قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال: فما تريد بهذا القول، قال: أريد أن تطهرني فأمر به فرجم» رواه الدارقطني والنسائي، وفي إسناده ابن الهضهاض، ذكره البخاري في "تاريخه"، وحكى الخلاف فيه، وذكر له هذا الحديث، وقال: حديثه في أهل الحجاز ليس يعرف إلا بهذا الواحد، ورواه أبو داود وفيه: «فأمر به فرجم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه، يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى يرجم رجم الكلب فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مرّ بجيفة حمار شائل برجله، فقال: أين فلان وفلان، فقالا: نحن ذان يا رسول الله، فقال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار، فقالا: يا نبي الله من يأكل من هذا، قال: ما نلتما من عرض أخيكما آنفًا أشد من أكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها».
قوله: «المرود» بكسر الميم هو الميل و«الرشى» بكسر الراء هو الحبل.

.[32/5] باب في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع

4885 - عن أنس قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله! إني أصبت حدًا فأقمه علي ولم يسأله، قال: وحضرت الصلاة فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى الصلاة قام إليه الرجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقم فيّ كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا، فقال: نعم، قال: فإن الله عز وجل قد غفر ذنبك أو حدك» أخرجاه.
4886 - ولأحمد ومسلم من حديث أبي أمامة نحوه.
4887 - وعن ابن مسعود: «أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فنزلت: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود:114] الآية فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا، قال: لمن عمل بها من أمتي» أخرجاه، وفي رواية: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني عالجت امرأة من أقصى المدينة، فأصبت منها ما دون أن أمسها فأنا ذا ها فأقم علي ما شئت، فقال عمر: لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك، فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فانطلق الرجل فأتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فدعاه فتلى عليه {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114] فقال رجل من القوم: أله خاصة أم للناس عامة، فقال: للناس كافة» رواه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود واللفظ له.
قوله: «حدًا» قال في "النهاية": أي أصبت ذنبا أوجب علي حدا، أي: عقوبة.

.[32/6] باب ما يذكر في الرجوع عن الإقرار

4888 - عن أبي هريرة قال: «جاء ماعز الأسلمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنا فأعرض عنه، ثم جاءه من شقه الآخر، فقال: إنه قد زنا، فأعرض عنه، ثم جاءه من شقه الآخر، فقال: يا رسول الله! إنه قد زنا، فأمر به في الرابعة فأخرج إلى الحرة فرجم بالحجارة، فلما وجد مس الحجارة فرّ يشتد حتى مرّ برجل معه لحى جمل فضربه وضربه الناس حتى مات، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فرّ حين وجد مس الحجارة ومس الموت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هلا تركتموه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حسن.
4889 - وعن جابر في قصة ماعز قال: «كنت فيمن رجم الرجل إنه لما وجد مس الحجارة صرخ بنا ردوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير قاتلي فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه، قال: فهلا تركتموه وجئتموني به ليتثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما ترك حد فلا» رواه أبو داود والنسائي وأشار إليه الترمذي وفي إسناده محمد بن إسحاق ورواه أبو داود من طريق يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه وساق قصة ماعز وفي آخره، فقال يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه» قال عبد الحق: إسناده لا يحتج به.

.[32/7] باب ما جاء أن الحد لا يجب بالتهم وأنه يسقط بالشبهات.

4890 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا عن بين العجلاني وامرأته فقال شداد بن الهاد: هي المرأة التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمت فلانة فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها» رواه ابن ماجة ورجال إسناده رجال الصحيح إلا العباس بن الوليد الدمشقي وهو صدوق، وزيد بن يحيى بن عبيد ثقة وقد تقدم: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» عند أحمد وللبخاري: «لولا ما مضى من كتاب الله» إلخ كما تقدم.
4891 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا» رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف.
4892 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطي في العفو خير من أن يخطي في العقوبة» رواه الترمذي وفي إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف لا سيما، وقد رواه وكيع عنه موقوفًا وقال الترمذي: أنه أصح، قال وقد روي عن غير واحد من الصحابة أنهم قالوا مثل ذلك وأخرجه الحاكم وصححه والبيهقي بإسناد ضعيف.
4893 - وروى البيهقي عن علي من قوله: «ادرءوا الحدود بالشبهات».
4894 - وقد روي مرفوعًا من حديث ابن عباس في مسند أبي حذيفة.
4895 - وكذا أخرجه ابن عدي عن عمر مرفوعًا وفي سنده من لا يعرف.
4896 - وعن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: «كان فيما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده فأخشى أن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء وقامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف» رواه الجماعة إلا النسائي.

.[32/8] باب العفو عن الحدود ما لم يبلغ السلطان.

4897 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب» رواه أبو داود والنسائي وفي إسناده عمرو بن شعيب والجمهور على الاحتجاج به.
4898 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألم فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يبدو لنا صفحته نقم عليه كتاب الله عز وجل» رواه الحاكم وهو في "الموطأ" من مرسل زيد بن أسلم، وقال في "الخلاصة": قال ابن عبد البر لا أعلم من أسند هذا اللفظ بوجه من الوجوه، قلت: أسنده الحاكم والبيهقي من رواية ابن عمر بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم انتهى.

.[32/9] باب ما جاء في حد من أقر بالزنا بامرأة منكرة وأن إنكارها لا يكون شبهة في ترك حده

4899 - عن سهل بن سعد «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنا بامرأة سماها فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاها فسألها عما قال، فأنكرت فحده وتركها» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده عبد السلام بن حفص بن مصعب المدني، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بمعروف.
4900 - وعن ابن عباس «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات فجلده مائة وكان بكرًا ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب والله يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين» رواه أبو داود والنسائي وقال: هذا حديث منكر، وقال المنذري: في إسناده القاسم بن فياض الأنباري الصعاوي تكلم فيه غير واحد، وقال ابن حبان: بطل الاحتجاج به.

.[32/10] باب الحث على إقامة الحد إذا ثبت والنهي عن الشفاعة فيه بعد بلوغه الإمام أو الحاكم

4901 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحًا» رواه ابن ماجة والنسائي، وقال: «ثلاثين»، وفي إسناده جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وهو ضعيف منكر الحديث وأخرج الحديث أحمد بالشك فيهما.
4902 - وأخرج نحوه الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن عباس بلفظ: «وحد يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحًا» قال في "مجمع الزوائد": وفي إسناده رزيق بن السحب ولم أعرفه.
4903 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد الله في أمره» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه والطبراني بإسناد جيد.
4904 - وابن أبي شيبة عنه من وجه آخر صحيح موقوفًا عليه.
4905 - وأخرج نحوه الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة مرفوعًا وقال: «فقد ضاد الله في ملكه».
4906 - وعن عائشة قالت: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ» أخرجاه وسيأتي إن شاء الله تعالى حديث عائشة في قصة المخزومية التي سرقت وشفع فيها أسامة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له: «أتشفع في حد من حدود الله» أخرجاه.
4907 - وعن صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له«لما أراد أن يقطع الذي سرق رداءه فشفع فيه: هلا كان قبل أن تأتيني به» رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم وابن الجارود.
4908 - وقد تقدم حديث: «فما بلغني فقد وجب».

.[32/11] باب مشروعية بداية الشاهد بالرجم وبداية الإمام به إذا ثبت بالإقرار

4909 - عن عامر الشعبي قال: «كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: إن هذه زنت فاعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ورجمها يوم الجمعة وحفر لها إلى السُّرة وأنا شاهد ثم قال: إن الرجم سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان شهد على هذا أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجرة ولكنها أقرت فأنا أول من رماها فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم فكنت والله فيمن قتلها» رواه أحمد والنسائي والحاكم وأصله في صحيح البخاري بدون ذكر الحفر وما بعده.

.[32/12] باب ما جاء في الحفر للمرجوم

4910 - عن أبي سعيد قال: «لما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع فوالله ما حفرنا له ولا أوثقناه ولكن قام لنا فرميناه بالعظام والخزف فاشتكى فخرج يشتد حتى انتصب لنا في عرض الحرة فرميناه بجلاميد الجندل حتى سكت».
4911 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله! إني قد زنيت فطهرني وإنه ردها، قالت: يا رسول الله لم ترددني لعلك ترددني كما رددت ماعز فوالله إني لحبلى، قال: أما لا فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدته أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: يا رسول الله! قد فطمته وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها فقال: مهلًا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت» رواهما أحمد ومسلم وأبو داود.
4912 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه «أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني زنيت وإني أريد أن تطهرني فرده فلما كان الغد أتاه، فقال: يا رسول الله إني زنيت فرده الثانية، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل تعلمون بعقله باسًا تنكرون منه شيئًا قالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم» رواه مسلم وأحمد وقال في آخره: «فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحفر له حفرة فجعل فيها إلى صدره ثم أمر الناس برجمه».
4913 - وعن خالد بن اللجلاج أن أباه أخبره فذكر قصة رجل اعترف بالزنا فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحصنت؟ قال: نعم، فأمر برجمه فذهبنا فحفرنا له حتى أمكننا ورميناه بالحجارة حتى هدى» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وفي إسناده محمد بن عبد الله بن علاثة مختلف فيه.
قوله: «الخزف» بالمعجمات هو المدر.
قوله: «عرض» بضم العين المهملة وسكون الراء والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء هو أرض ذات حجارة سود.
قوله: «جلاميد» جمع جملد وهو الصخر والجندل كجعفر ما ينقله الرجل من الحجارة.
قوله: «إما لا» بكسر الهمزة وتشديد الميم معناه إذا أبيت أن تستري نفسك وتتوبي عن قولك فاذهبي حتى تلدي فترجمين بعد ذلك.
قوله: «فنضح الدم» بالخاء المعجمة وبالمهملة.
قوله: «صاحب مكس» بفتح الميم وسكون الكاف بعدها سين مهملة هو الجباء قوله: «فصَلى عليها» بفتح الصاد واللام عند الجمهور، رواه مسلم وفي رواية لابن أبي شيبة وأبي داود «فصُلي عليها» بضم الصاد على البناء للمجهول ويؤيد رواية الجمهور حديث عمران الآتي وفيه فقال عمر: «تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت» وقد تقدم في كتاب الجنائز باب مستقل في الصلاة على من قتل بحد.
قوله: «ألا وفي العقل» بفتح الواو وكسر الفاء وتشديد الياء صفة مشبهة.